كان يعقوب يعيش حياة هادئة في بيت أبيه إلي أن سقط في خطية الخداع والإحتيال فتمررت حياته ونجد هنا صورة للصراعات في حياة يعقوب. فهو هرب من الصراع مع أخيه عيسو ولكن نجد خاله لابان يخدعه ويعطيه ليئة عوضاً عن راحيل فيضطر للزواج من كلتيهما وينشأ عن الزواج المتعدد صراعات بينهما ولم يعد بيت يعقوب البيت الهادئ. بل صار هناك صراع مع خاله لابان بسبب أجرته.
أية 1:
" 1 فلما رات راحيل انها لم تلد ليعقوب غارت راحيل من اختها وقالت ليعقوب هب لي بنين والا فانا اموت "
وإلا فأنا أموت= أي بدون اولاد أحسب كميتة أو أنني أموت من الحسرة. هذه حالة يأس من المؤكد أنها أحزنت قلب يعقوب رجل الصلاة. فهي تشكو وتتمرد ولكنها لا تصلي.
أية 2:
" 2 فحمي غضب يعقوب على راحيل وقال العلي مكان الله الذي منع عنك ثمرة البطن "
العلي مكان الله: أي لماذا تشتكي لي إذهبي إلي الله وتعلمي أن تصلي وتشتكي له.
الأيات 3-13:
" 3 فقالت هوذا جاريتي بلهة ادخل عليها فتلد على ركبتي وارزق انا ايضا منها بنين 4 فاعطته بلهة جاريتها زوجة فدخل عليها يعقوب 5 فحبلت بلهة وولدت ليعقوب ابنا 6 فقالت راحيل قد قضى لي الله وسمع ايضا لصوتي واعطاني ابنا لذلك دعت اسمه دانا 7 وحبلت ايضا بلهة جارية راحيل وولدت ابنا ثانيا ليعقوب 8 فقالت راحيل مصارعات الله قد صارعت اختي وغلبت فدعت اسمه نفتالي 9 ولما رات ليئة انها توقفت عن الولادة اخذت زلفة جاريتها واعطتها ليعقوب زوجة 10 فولدت زلفة جارية ليئة ليعقوب ابنا 11 فقالت ليئة بسعد فدعت اسمه جادا 12 وولدت زلفة جارية ليئة ابنا ثانيا ليعقوب 13 فقالت ليئة بغبطتي لانه تغبطني بنات فدعت اسمه اشير "
دخلت الصراعات بين الأختين إلي مجال أخر في التنافس فكل منهن أعطت يعقوب جاريتها ليلد منها. فمن بلهة جارية راحيل جاء ليعقوب دان بمعني يدين أو يقضي وراحيل تعني بهذا الأسم أن الله قضي لها وأنصفها فأعطاها إبنا لأن أبن الجارية كان يحسب لسيدتها فالجارية وكل ما تملك ملك لسيدتها. والأبن الثاني نفتالي: متسع أي اعطاها الله أن تتسع وتغلب حينما زاد الأبناء. ثم أنجبت زلفة جارية ليئة جاد= أي توفيق وهي تعني أنها في صراع مع أختها قد وفقها الله وأسعدها بسعد فأنجبت أشير= سعيد أو مغبوط فليئة قد صارت مغبوطة. مصارعات الله: أي مصارعات عظيمة.
الأيات 14-21:
St-Takla.org Image: Mandragora Officinarum
صورة في موقع الأنبا تكلا: نبات و زهرة اللفاح، لفاح
" 14 ومضى راوبين في ايام حصاد الحنطة فوجد لفاحا في الحقل وجاء به إلى ليئة امه فقالت راحيل لليئة اعطيني من لفاح ابنك 15 فقالت لها اقليل انك اخذت رجلي فتاخذين لفاح ابني ايضا فقالت راحيل اذا يضطجع معك الليلة عوضا عن لفاح ابنك 16 فلما اتى يعقوب من الحقل في المساء خرجت ليئة لملاقاته وقالت الي تجيء لاني قد استاجرتك بلفاح ابني فاضطجع معها تلك الليلة 17 وسمع الله لليئة فحبلت وولدت ليعقوب ابنا خامسا 18 فقالت ليئة قد اعطاني الله اجرتي لاني اعطيت جاريتي لرجلي فدعت اسمه يساكر 19 وحبلت ايضا ليئة وولدت ابنا سادسا ليعقوب 20 فقالت ليئة قد وهبني الله هبة حسنة الان يساكنني رجلي لاني ولدت له ستة بنين فدعت اسمه زبولون 21 ثم ولدت ابنة ودعت اسمها دينة "
رأوبين أبن ليئة وجد في الحقل نبات إسمه اللفاح ويسمونه تفاح الجنة وكانوا يعتقدون أنه يجلب محبة الزوج لزوجته. وأعطي رأوبين اللفاح لأمه ليئة. ويبدو أن يعقوب كان قد هجر ليئة ليعيش مع راحيل (رمز لأن الله ترك شعب اليهود بسبب محبته للكنيسة). وطلبت راحيل من ليئة أن تعطيها اللفاح. وهذا خطأ آخر لراحيل أنها تؤمن بهذه الخرافات فهل نوع من النبات يجلب محبة الزوج أو يعطيها أولاد هي محاولات بشرية فاشلة عوضاً عن أن تصلي وتلجأ إلي الله. علي أن ليئة إنتهزت هي الأخري هذه الفرصة وسمحت لها بأن تاخذ اللفاح علي أن تترك لها يعقوب يعاشرها فأخذت اللفاح وذهب يعقوب إلي ليئة فأنجبت يساكر= أي جزاء وهي تعني ان الله قد أعطاها اجرتها. وأنجبت ليئة بعد ذلك زبولون= مسكن وتعني الأن يساكنني رجلي لأنها ولدت له ستة بنين. ثم ولدت له دينة. والإشارة لدينة هنا بسبب قصتها التي ستأتي بعد ذلك.
الأيات 22-24:
" 22 وذكر الله راحيل وسمع لها الله وفتح رحمها 23 فحبلت وولدت ابنا فقالت قد نزع الله عاري 24 ودعت اسمه يوسف قائلة يزيدني الرب ابنا اخر "
لقد سمح الله بعقم راحيل حتي يفتح قلب يعقوب فيحب ليئة. وسبب أخر هو أن تصبح راحيل رمزاً للكنيسة أو للأمم الذين كانوا في حالة عقم وأصبحو مثمرين. وأنجبت راحيل أخيراً وأسمت أبنها يوسف: يزيد فهي تشتاق لأولاد أكثر وحتي تنمو الكنيسة وتزداد وتظل مثمرة علي الدوام. مع ملاحظة أن إبن راحيل الثاني والذي ماتت بعد أن ولدته مباشرة كان اسمه بنيامين والمعني أن بعد نهاية هذا الزمن (الموت) تجلس الكنيسة عن يمين الله في السماء مثل الخراف وليس عن اليسار المرفوضين مثل الجداء والأم راحيل في الولادة ثم موتها تعبير عن الألام التي تجتازها الكنيسة في العالم وتنتهي بآخِر عدو وهو الموت ولكن النتيجة أن تصبح بنت اليمين فبنيامين يعني إبن اليمين. مع أن راحيل كانت تود تسميته ابن أوني أي ابن حزني لكن أباه يعقوب أسماه بنيامين.
الأيات 25-34:
" 25 وحدث لما ولدت راحيل يوسف ان يعقوب قال للابان اصرفني لاذهب إلى مكاني والى ارضي 26 اعطني نسائي واولادي الذين خدمتك بهم فاذهب لانك انت تعلم خدمتي التي خدمتك 27 فقال له لابان ليتني اجد نعمة في عينيك قد تفاءلت فباركني الرب بسببك 28 وقال عين لي اجرتك فاعطيك 29 فقال له انت تعلم ماذا خدمتك وماذا صارت مواشيك معي 30 لان ما كان لك قبلي قليل فقد اتسع إلى كثير وباركك الرب في اثري والان متى اعمل انا ايضا لبيتي 31 فقال ماذا اعطيك فقال يعقوب لا تعطيني شيئا ان صنعت لي هذا الامر اعود ارعى غنمك واحفظها 32 اجتاز بين غنمك كلها اليوم واعزل انت منها كل شاة رقطاء وبلقاء وكل شاة سوداء بين الخرفان وبلقاء ورقطاء بين المعزى فيكون مثل ذلك اجرتي 33 ويشهد في بري يوم غد اذا جئت من اجل اجرتي قدامك كل ما ليس ارقط أو ابلق بين المعزى واسود بين الخرفان فهو مسروق عندي 34 فقال لابان هوذا ليكن بحسب كلامك "
نجد هنا يعقوب يود أن يعود إلي أرض الميعاد. وفي أية (27) نري كيف أن يعقوب صار بركة لبيت لابان وان لابان أحس بهذا فكان يود لو بقي يعقوب معه حتي تستمر البركة. ثم نجد أن يعقوب ولابان يتفقان علي طريقة يأخذ بها يعقوب اجرته.
البلقاء: السواد والبياض موزعان علي السواء. الرقطاء: سوداء يشوبها نقط بيضاء.
وهذه الصفات للغنم (سواء من الخرفان أو الماعز) قليلة ونادرة والأغلب هو الأبيض والأسود.
تم الأتفاق علي أن يقسم القطيع إلي قسمين:
الأول:
ما هو أبيض وأسود فقط غالبا الغنم تكون بيضاء والماعز سوداء
الثاني:
ما هو (بلقاء ورقطاء) والمنقط هو النادر
والقسم الأول يستمر مع يعقوب يرعاه
والقسم الثاني يأخذه لابان معه ويبتعد مسيرة 3 أيام عن يعقوب، لمدة معينة من الزمن.
قبل لابان عرض يعقوب لأنه افترض أن القطيع الأبيض والأسود سيكون نتاجه غالباً أبيض وأسود وأن البلقاء والرقطاء فيه أي نصيب يعقوب المتفق عليه سيكون هو القليل. ولابان قبل العرض نتيجة جشعه وطمعه ظانا بهذا أنه سيخرج بنصيب الأسد. ولكن الله خيب ظن لابان وكان النصيب الأكبر ليعقوب فجاءت الغالبية بلقاء ورقطاء ونفهم من (10:31) أن الله هو الذي أوحي ليعقوب بهذه الفكرة أي أن تكون أجرته هي البلقاء والرقطاء. فالله كان ناوياً أن يعوضه عن أمانته وخدمته لخاله بأمانة كل هذا العمر والله كان يعرف جشع خاله وأنه سيخدعه مراراً فأرشده الله لهذه الخطة.
ولكن نجد يعقوب مرة اخري يسقط في الحلول البشرية والخداع والمكر. فنجده يقشر أعواد بعض النباتات حتي تبدو منقطة ويضعها أمام الغنم التي ستلد حينما يجد الغنم قوية. وهو إعتمد علي فكرة الوحم عند الإناث اللواتي يلدن. فحينما تتوحم الشاة التي ستلد وأمامها ألوان منقطة تكون الشاة المولودة منقطة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وهذه الفكرة موجودة حتي الأن ولكنها لم تثبت علمياً. فنجد أن كثرة الغنم المنقطة القوية التي صارت ليعقوب كانت نتيجة بركة الرب وليس لخداعات يعقوب. هي عدم إيمان وثقة في وعود الله الذي قال له أنه سوف يبارك. وهذا حدث مرتين في حياة يعقوب. فالله وعد رفقة بأن كبير يستعبد لصغير. والله وعده بأنه سيبارك وفي المرة الأولي خدع أبوه إسحق ليضمن البركة والمرة الثانية خدع خاله لابان ليضمن بركة لنصيبه. وكان الله سيعطيه البركة في المرتين دون خداع! وما نتيجة الخداع؟ انه خدع مرتين الأولي في موضوع ليئة والثانية في موضوع يوسف!! " كما فعلت يفعل بك "(عو 15)
أية 30:
" 30 لان ما كان لك قبلي قليل فقد اتسع إلى كثير وباركك الرب في اثري والان متى اعمل انا ايضا لبيتي "
لقد زاد قطيع لابان من قطيع صغير تقوده راحيل إلي قطعان يفصل بينهما مسيرة 3 أيام أي حوالي 65 كيلو متر. وهذه المسافة دليل ضخامة قطعان لابان.
أية 32:
" 32 اجتاز بين غنمك كلها اليوم واعزل انت منها كل شاة رقطاء وبلقاء وكل شاة سوداء بين الخرفان وبلقاء ورقطاء بين المعزى فيكون مثل ذلك اجرتي "
أجتاز بين غنمك … وأعزل أنت: أي الأثنين يمران سوياً لكن لابان هو الذي يعزل ويختار ويشرف علي عملية الفصل ليضمن حقه. فيكون مثل ذلك أجرتي: أي بعد عزل كل ما هو بلقاء ورقطاء يبقي ما هو أبيض وما هو أسود. وناتج هذا القطيع الأبيض والأسود كل ما يوجد فيه من بلق ورقط مثل الذي عزله لابان يكون من نصيب يعقوب.
أية 33:
" 33 ويشهد في بري يوم غد اذا جئت من اجل اجرتي قدامك كل ما ليس ارقط أو ابلق بين المعزى واسود بين الخرفان فهو مسروق عندي "
يشهد في بري: صيغة قسم والمعني ان بره وشرفه يشهدان له أو عليه أن حاول أن يغير أجرته التي عينها لنفسه. فهو مسروق عندي: كل ما ليس له هذه الصفات يكون مختلساً منك.
أية 34:
" 34 فقال لابان هوذا ليكن بحسب كلامك "
هوذا ليكن بحسب كلامك: لابان وافق ظانا أنه الفائز في هذه الصفقة فالمنقط نادر.
أية 37:
" 37 فاخذ يعقوب لنفسه قضبانا خضرا من لبنى ولوز ودلب وقشر فيها خطوطا بيضا كاشطا عن البياض الذي على القضبان "
اللبني: نبات له لبن كالعسل يسمي الميعة. والدلب: نبات يوجد في السهول وعلي شواطيء الأنهار. ويعقوب وضع هذه الأعواد بعد أن قشرها في المساقي أمام الغنم حين كانت تأتي لتشرب. والله وعده بالبركة حين أرشده لإختيار المنقطة ولكنه لم يرشده لهذه الخدعة.
أية 41:
" 41 وحدث كلما توحمت الغنم القوية ان يعقوب وضع القضبان امام عيون الغنم في الاجران لتتوحم بين القضبان "
نلاحظ أن يعقوب كان يصنع هذا مع الغنم القوية ليكون نصيبه قوياً ولا يصنع هذا مع الضعيفة فتكون البيضاء نصيب لابان هي الضعيفة.
أية 43:
" 43 فاتسع الرجل كثيرا جدا وكان له غنم كثير وجوار وعبيد وجمال وحمير "
إتسع الرجل كثيراً جداً: ليس بسبب الخدعة ولكن لأن الله يريد ان يباركه.