موضوع: التكوين 14 - تفسير سفر التكوين السبت يوليو 02, 2011 6:05 pm
كان أهل سدوم أشراراً ونهايتهم كانت الحريق ولكن الله لا يضرب مباشرة دون إنذار لذلك نجد في هذا الإصحاح إنذارين موجهين لأهل سدوم وعمورة.
1. خضوعهم لكدر لعومر 12 سنة كانوا يدفعون فيها الجزية له.
2. لم يفهموا أن هذا الألم راجع للخطية فيتوبوا بل فكروا بطريقة بشرية وعصوا علي كدر لعومر فحاربهم وسبا منهم سبياً ومن ضمن السبايا كان لوط.
3. وتدخل إبرام ناسياً أعمال لوط وأنقذه وأعاد كل شيء لسدوم وعمورة ولم يقبل أن يأخذ في مقابل ذلك أي شئ. ولكن هؤلاء الأشرار أيضاً لم يتوبوا
الأيات 1-7:
" 1 وحدث في ايام امرافل ملك شنعار واريوك ملك الاسار وكدرلعومر ملك عيلام وتدعال ملك جوييم 2 ان هؤلاء صنعوا حربا مع بارع ملك سدوم وبرشاع ملك عمورة وشناب ملك ادمة وشمئيبر ملك صبوييم وملك بالع التي هي صوغر 3 جميع هؤلاء اجتمعوا متعاهدين إلى عمق السديم الذي هو بحر الملح 4 اثنتي عشرة سنة استعبدوا لكدرلعومر والسنة الثالثة عشرة عصوا عليه 5 وفي السنة الرابعة عشرة اتى كدرلعومر والملوك الذين معه وضربوا الرفائيين في عشتاروث قرنايم والزوزيين في هام والايميين في شوى قريتايم 6 والحوريين في جبلهم سعير إلى بطمة فاران التي عند البرية 7 ثم رجعوا وجاءوا إلى عين مشفاط التي هي قادش وضربوا كل بلاد العمالقة وايضا الاموريين الساكنين في حصون تامار "
سكن لوط منطقة سدوم الخاضعة في ذلك الحين لكدر لعومر ملك عيلام (فارس) وكانت تدفع له الجزية وهذا الملك عرف ببطشه وسطوته إذ إكتسح كل ممالك الجنوب. وأخضع لسلطانه كل بلاد وادي الأردن (كان هذا جزءاً من نبوة نوح بخضوع كنعان لسام).
وشنعار: هي مابين النهرين الفرات ودجلة والاسار علي الفرات. وملوك ما بين النهرين كانوا قد أخضعوا ملوك سدوم وعمورة وأدمة وصبوييم وصوغر للجزية لمدة 12 سنة ولم يذكر اسم ملك صوغر أما 1) لصغر شأنه أو 2) لبشاعة خطيته.
وإذ شعرت البلاد بالمذلة قام الخمسة ملوك (سدوم وعمورة…. الخ) بالثورة ضد ملوك ما بين النهرين حتي لا يدفعوا الجزية. فقام كدر لعومر بحملة تأديب ثانية ضد المتمردين وتحالف معه 3 ملوك وقد إكتسح هؤلاء الملوك الأربعة المنطقة. وكان خط سير الغزاة الرفائيين في عشتاروت ترنايم… الأموريين الساكنين في حصون تامار (5-7) هم ضربوا كل هؤلاء قبل أن يأتوا علي سدوم وعمورة. وكانت هذه خطة عسكرية محكمة فهم ضربوا الشعوب الصغيرة التي كانت ستؤيد وتدعم ملوك سدوم وعمورة. فهم بهذا أفقدوهم من يعينهم وتركوهم وحدهم للمرحلة الأخيرة من الحرب.
عمق السديم: لها تفسيرات عديدة (1) قالوا أنها سلسلة الصخور الطباشيرية الممتدة جنوب سهل أريحا وتسمي السد وجمعها بالعبرانية السديم فيكون المقصود هو كل دائرة الأردن. (2) رأي البعض أن بحر الملح إبتلع سدوم بعد حرقها فسمي المكان عمق السديم (عمق سدوم) (3) رأي البعض أنه يعني نمور السديم: وادي الحفر والأخاديد وهو سهل منخفض في منطقة بحر لوط (البحر الميت) تكثر به أبار الحمر.
والحرب بين ملوك بابل الأربعة ضد ملوك كنعان الخمسة لها تأمل روحي فرقم (5) هو رقم الحواس ورقم (4) هو رقم العالم. فالعالم بكل قوة إغرائه وخطاياه يهجم علي حواسنا الخمسة الخاضعة لإغراءات العالم. وكيف نغلب= إبراهيم + 318 من رجاله وإبراهيم يمثل الإيمان ورقم 318 قد يمثل رجال مجمع نيقية أي الثبات علي الإيمان المسلم مرة من الأباء وقد يشير كما سنري للصليب علامة يسوع المسيح.
أية 4: استعبدوا لكدر لعومر: أي دفعوا له الجزية مدة 12 سنة
الأيات 8-12:
" 8 فخرج ملك سدوم وملك عمورة وملك ادمة وملك صبوييم وملك بالع التي هي صوغر ونظموا حربا معهم في عمق السديم 9 مع كدرلعومر ملك عيلام وتدعال ملك جوييم وامرافل ملك شنعار واريوك ملك الاسار اربعة ملوك مع خمسة 10 وعمق السديم كان فيه ابار حمر كثيرة فهرب ملكا سدوم وعمورة وسقطا هناك والباقون هربوا إلى الجبل 11 فاخذوا جميع املاك سدوم وعمورة وجميع اطعمتهم ومضوا 12 واخذوا لوطا ابن اخي ابرام واملاكه ومضوا اذ كان ساكنا في سدوم "
أبار حمر: الحمر هو القار المعدني وهو كالزفت أو القطران وهو موجود للأن بهذه المنطقة. وسقطا هناك: ملوك سدوم وعمورة كانوا يعتمدون علي أبار الحمر هذه كحماية طبيعية لهم تحميهم من هجوم الأعداء لكنهم سقطوا فيها. فهم سقطوا فيما تصوروا أنه يحميهم وهذا حال كل خاطئ. وريما يكون المعني أن الملوك سقطوا في أبار الحمر وأنقذوهم أو أن رجال جيشهم سقطوا هناك وهلكوا. أو أن المعركة دارت في هذه الأماكن غير المناسبة وكانت سبباً لهزيمتهم. وفي آية (12) تركيز علي أن لوط الذي إختار لنفسه خسر كل شيء في هذه الحرب بل خسر نفسه إذ هو نفسه ذهب أسيراً. لقد خسر كل ما تشاجر عليه. وفي هذه الآيات نجد أن ملوك ما بين النهرين بعد أن ضربا الشعوب الصغيرة المؤيدة لكل من ملوك سدوم إستداروا علي ملوك سدوم وعمورة لضربهم.
أية 13:
" 13 فاتى من نجا واخبر ابرام العبراني وكان ساكنا عند بلوطات ممرا الاموري اخي اشكول واخي عانر وكانوا اصحاب عهد مع ابرام "
إذ نجا إنسان كان يعرف علاقة لوط بإبرام أتي وأخبر إبرام، العبراني: قد تعني أنه إبن عابر أو لأنه عبر الفرات وأتي إلي كنعان. ولكن ذكر الوحي هنا أنه عبراني مقصود أن يذكرنا بأن إبرام المتغرب في خيام هو الذي أنقذ لوط الساكن المستوطن في سدوم. وواضح أن إبرام هنا كان في عهد مع ممرا وأشكول وعانر الإخوة الأموريين وهؤلاء ساعدوه.
أية 14:
" 14 فلما سمع ابرام ان اخاه سبي جر غلمانه المتمرنين ولدان بيته ثلاث مئة وثمانية عشر وتبعهم إلى دان "
هي شجاعة وشهامة من إبرام أن يحارب لينقذ لوط. وأنها لحكمة إلهية تعطينا أن نعرف متي نتسامح ومتي نحارب لندافع. فإبرام ترك حقوقه في نزاعه مع لوط لكنه حارب هنا لأن قلبه الناري لم يحتمل أن يكون هو في راحة وغيره متألم. ونلاحظ أن لوط الذي طلب ما لنفسه خسر كل شئ. وهو قد تعرض لحروب الأعداء لأنه خرج بإرادته من حماية الله فهو رفض أن يسير مع إبرام وأختار الأماكن الشريرة ليحيا فيها. إذن فعليه أن يتعرض لحروب العالم وتقلباته. ويري القديس إكليمنضس السكندري أن رقم 318 باليونانية يكتب هكذا TIH ويري أن حرف T هو شبيه بعلامة الصليب وحرف أو من IOC أي إبن وحرف H هو من Hcorc أي يسوع ويكون المعني انها رمز لعلامة يسوع المسيح إبن الله أي الصليب (هي علامة الذين خلصوا) وقطعاً فإن رجال إبراهيم وحلفائه عددهم كان قليلاً لكن الله هو الذي يحارب ويعطي حكمة لإبراهيم كما حدث مع جدعون بعد ذلك بل لم نسمع عن أي خسارة في رجال إبراهيم.
أية 15:
" 15 وانقسم عليهم ليلا هو وعبيده فكسرهم وتبعهم إلى حوبة التي عن شمال دمشق "
إنقسم عليهم: أي قسم نفسه لعدة جيوش ليهجم عليهم من عدة نواح وهذا ما عمله جدعون أيضاً. (وكان رجال جدعون أيضا 300 رجل).
أبرام الذي عاش كمتغرب هو الذي أنقذ لوط. وهكذا أولاد الله الذين يعيشون بروح الغربة قادرين أن يسندوا النفوس الضعيفة التي إنغمست في العالم.
تعليق: القديس بطرس في (2بط 6:2- يقول أن لوط كان يعذب نفسه بسبب الشر. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). لذلك كان عليه أن يترك هذا المكان مضحياً بالثروات المادية لينقذ حياته. فهو ذهب لهذا المكان سعياً وراء المادة فقط ولذلك لم يستطع أن يبشر أو يشهد للحق وحينما فعل أخيراً كان كمازح في عيون أهل سدوم (ص 19). لذلك قال له الملاك "إهرب لحياتك" وكان عليه أن يفعل هذا من قبل لكنه لم يفعل.
أية 17:
" 17 فخرج ملك سدوم لاستقباله بعد رجوعه من كسرة كدرلعومر والملوك الذين معه إلى عمق شوى الذي هو عمق الملك "
عمق شوي: وادي السهل وعمق الملك: يقولون أن ملوك يهوذا كانوا يدربون جيوشهم في هذا المكان وبذلك تكون إضافة حديثة تضع الأسم الحديث للمكان وهناك من يقول أن الأسم راجع لحادثة إجتماع الملوك مع إبرام ليشكروه علي إنقاذهم.
الأيات 18-20:
" 18 وملكي صادق ملك شاليم اخرج خبزا وخمرا وكان كاهنا لله العلي 19 وباركه وقال مبارك ابرام من الله العلي مالك السماوات والارض 20 ومبارك الله العلي الذي اسلم اعداءك في يدك فاعطاه عشرا من كل شيء "
ملكي صادق
قصة لقاء إبراهيم مع ملكي صادق تمثل لغزاً عند اليهود لا يعرفون له تفسيراً (عب 11:5) وقالوا أنه عسر التفسير. إذ كيف يقدم إبراهيم أب الأباء الذي في صلبه كهنوت لاوي العشور لرجل غريب ولماذا ظهر هذا الرجل في الكتاب فجأة وإختفي فجاة ولا يعرف أحد أباه أو أمه أو نسبه ولماذا لم يقدم ذبيحة دموية كما كانت عادة ذلك الزمان. وقد قال اليهود كمحاولة للتفسير أن ملكي صادق هو سام إبن نوح؟!! لكن ما الذي غير اسمه وماذا أتي به إلي كنعان!! هناك أسئلة كثيرة لا يجد لها اليهود حلاً. وقد كشف السر بولس الرسول في رسالة العبرانيين وقال إن ملكي صادق هو رمز السيد المسيح. ونجد هنا لفظ كاهن ولفظ الله العلي لأول مرة في الكتاب فالمسيح هو العلي الذي سيقدم نفسه ذبيحة ككاهن.وهو ملك وابن داود.
1. ملكي صادق تعني ملك البر رو 24:3 هذا من جهة الأسم.
2. لك ساليم تعني ملك السلام يو 33:16 من جهة العمل (وساليم غالبا هي أورشليم).
3. ن ملكاً وكاهناً في نفس الوقت وهذا لا يتحقق عند اليهود فالملوك من سبط والكهنة من سبط آخر. فداود من سبط يهوذا والكهنة من سبط لاوي.
4. قدم خبزاً وخمراً وهكذا قدم المسيح جسده ودمه على هذه الصورة في الإفخارستيا.
5. لم نعرف شيئاً عن أبيه وأمه وهو لا بداية لملكه ولا نهاية مذكورة، إشارة إلي السيد المسيح الذي بلا أب جسدي وبلا أم من جهة اللاهوت، بلا بداية أيام، أبدي.
6. جاء السيد المسيح كاهناً علي رتبة ملكي صادق. وكأن الكهنوت اللاوي قد إنتهي ليقوم كهنوت جديد يقدم خبزاً وخمراً.
7. إبراهيم الذي من صلبه الكهنوت اللاوي يجمع العشور، هو نفسه يقدم العشور لملكي صادق فمن يكون هذا الذي يقبل العشور من إبراهيم سوي الله نفسه أو من يرمز إليه.
أية 21:
" 21 وقال ملك سدوم لابرام اعطني النفوس واما الاملاك فخذها لنفسك "
كان من حق إبرام أن يحصل علي الأملاك فهو الذي حرر الجميع، كمكافأة علي تعبه.
أية 22:
" 22 فقال ابرام لملك سدوم رفعت يدي الى الرب الاله العلي مالك السماء والارض "
لاحظ ان إبرام يكرر وراء ملكي صادق ما تعلمه منه "الله العلي مالك السماء والأرض" وعلينا ان نتشبه نحن أيضاً بالقديسين. ورفع اليد تعني القسم.
أية 23:
" 23 لا اخذن لا خيطا ولا شراك نعل ولا من كل ما هو لك فلا تقول انا اغنيت ابرام "
لا خيطاً: هذا خاص بالنساء فالخيط هو الذي يربطون به شعرهم ولا شراك نعل: هذا للرجال والمقصود أنه لا يريد أي مكافأة أرضية (لا من الرجال ولا من النساء الذين أنقذهم) ترك المكافأة الأرضية طالباً المكافأة السماوية. بل هو في تركه المكافأة فاق مطالب الناموس التي أعطيت فيما بعد وكانت تعطيه الحق في المكأفاة.
أية 24:
" 24 ليس لي غير الذي اكله الغلمان واما نصيب الرجال الذين ذهبوا معي عانر واشكول وممرا فهم ياخذون نصيبهم "
هو ترك حقه لكن طلب حق الرجال الذين حاربوا معه. فهو لا يلزم الأخرين بنفس مستواه الروحي. بل بحكمته هذه إشتري صداقتهم. هذه صورة حية للنضوج الروحي والفكري.