أية 1:
" 1 وعاد ابراهيم فاخذ زوجة اسمها قطورة "
يقول كثير من المفسرين أن إبراهيم تزوج قطورة في حياة سارة لأنهم إستصعبوا أن يكون إبراهيم قادراً علي الإنجاب وعمره فوق 140 سنة. وهو نفسه قال "هل يولد لإبن مئة سنة تك 17:17. وأكد بولس هذا في رو 19:4 وقال أن جسده كان مماتاً. ولكن مع حب إبراهيم لسارة نجد أنه من المستحيل أن يكون إبراهيم قد تزوج بقطورة في حياتها. ولكن يمكن أن نفهم ان عطية الله لإبراهيم وسارة كانت مستمرة فإحتفظت سارة بشبابها وكانت جميلة في التسعين من عمرها وإبراهيم ظل قادراً علي الإنجاب فالله أعطاهما كلاهما حيوية وجدد مثل النسر شبابهما. ورمزياً كان يجب أن تموت سارة أولاً وهي التي تمثل الكنيسة اليهودية ثم يتزوج إبراهيم ونكتشف أنه قادر علي النسل فإبراهيم هو أب الكنيسة والكنيسة أم ولود لا تشيخ أبداً.
وهناك رأي بأن أولاد إبراهيم من قطورة يشيروا للأمم الذين دخلوا للإيمان بعد موت الكنيسة اليهودية. وهناك من رأي أن أولاد قطورة يمثلوا الهراطقة في الكنيسة أو كل من ليس له إيمان سليم وأعتقد أن هذا هو الرأي الأرجح لأن أولاد قطورة قد صرفهم إبراهيم عن اسحق الذي أخذ كل ما لإبراهيم وأعطاهم عطايا فقط.
أية 3:
" 3 وولد يقشان شبا وددان وكان بنو ددان اشوريم ولطوشيم ولاميم "
شبا وددان: هما أولاد يقشان ونجد أن نفس الأسماء في تك 7:10 علي إنهما أبناء رعمة بن كوش وغالباً فيكون شبا وددان هما أسماء مناطق سكنها أولاً أولاد كوش ثم إستولي عليها أبناء يقشان إبن إبراهيم. وما يؤيد هذا أن اسماء أشوريم ولطوشيم هي بالجمع مما يدل أن الأسماء هي أسماء قبائل أو أماكن وليس أفراد.
أية 5:
" 5 واعطى ابراهيم اسحق كل ما كان له "
اسحق حصل علي كل شيء إعلاناً أن شعب المسيح لهم كل الميراث الروحي.
أية 6:
" 6 واما بنو السراري اللواتي كانت لابراهيم فاعطاهم ابراهيم عطايا وصرفهم عن اسحق ابنه شرقا إلى ارض المشرق وهو بعد حي "
أبناء السراري المقصود بهم أبناء هاجر وقطورة.
أية 8:
" 8 واسلم ابراهيم روحه ومات بشيبة صالحة شيخا وشبعان اياما وانضم إلى قومه "
شبعان أيام: عاش أياماً كثيرة وفي راحة مع الله رغم غربته. وإنضم إلي قومه: المقصود بها روحه. فالجسد في المكفيلة بعيد جداً عن أجساد عائلته في أور وحاران. والله إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب إله أحياء وليس هو إله اموات لو 37:20.
أية 9:
" 9 ودفنه اسحق واسماعيل ابناه في مغارة المكفيلة في حقل عفرون بن صوحر الحثي الذي امام ممرا "
كان إسمعيل يسكن في فاران قريباً من لحي رئي حيث يسكن إسحق.
أية 11:
" 11 وكان بعد موت ابراهيم ان الله بارك اسحق ابنه وسكن اسحق عند بئر لحي رئي "
الله بارك إسحق: إذن البركة التي حصل عليها إبراهيم لم تمت بموته بل إستمرت لإسحق. وسكن إسحق عند بئر لحي رئي: بئر لحي رئي يعني بئر الرؤيا وما أجملها بركة أن نستمر في حالة الرؤيا فننعم بإشعاعات رؤيا ربنا في عقولنا. فنلهج في كلام الله دائما والله يعطينا إستنارة وفهم.
الأيات 12-18:
" 12 وهذه مواليد اسماعيل بن ابراهيم الذي ولدته هاجر المصرية جارية سارة لابراهيم 13 وهذه اسماء بني اسماعيل باسمائهم حسب مواليدهم نبايوت بكر اسماعيل وقيدار وأدبئيل ومبسام 14 ومشماع ودومة ومسا 15 وحدار وتيما ويطور ونافيش وقدمة 16 هؤلاء هم بنو اسماعيل وهذه اسماؤهم بديارهم وحصونهم اثنا عشر رئيسا حسب قبائلهم 17 وهذه سنو حياة اسماعيل مئة وسبع وثلاثون سنة واسلم روحه ومات وانضم إلى قومه 18 وسكنوا من حويلة إلى شور التي امام مصر حينما تجيء نحو اشور امام جميع اخوته نزل "
هنا نري وعد الله لإبراهيم ببركة أولاده قد تم تنفيذها فالله بارك أسحق وإسمعيل وإسمعيل صار له 12 رئيساً تنفيذاً لوعد الله في تك 20:17. والكتاب يذكر نسل إسمعيل اولاً:-
1. لينتهي منه ثم يتفرغ لنسل إسحق ويعقوب اللذان منهم المسيح بالجسد.
2. الله لا ينسي أولاده الذين خلقهم فهو مهتم بالجميع إلا أن التركيز في الكتاب المقدس علي المسيح.
3. نري هنا إسمعيل ونسله رؤساء وأمراء فالإنسان العالمي الجسداني يحصل علي إمتيازاته سريعاً.
4. يبدأ إسمعيل ثم يأتي لإسحق لأن الجسداني أولاً ثم الروحاني 1 كو 46:15.
بنايوت: هو مؤسس مملكة الأنباط عاصمتهم كانت سالع وسميت بترا بعد ذلك.
قيدار: معناها قادر أو جلد أسود لأن خيامهم كانت سوداء نش 5:1 وهم من أشهر قبائل العرب.
حصونهم: كانوا محصنين في كهوف جبلية يصعب الوصول إليها. حسب مواليدهم: بترتيب اعمارهم.
من حويلة إلي شور: سكنوا في المسافة بين مصر وأشور. حينما تجئ إلي أشور: أي في الطريق المعروف إلي أشور. أمام جميع أخوته: أي شرق أرض فلسطين وأنه عاش مزدهراً وقوياً ومنفصلاً عن إخوته نسل إسحق (تك 12:16).
أية 20:
" 20 وكان اسحق ابن اربعين سنة لما اتخذ لنفسه زوجة رفقة بنت بتوئيل الارامي اخت لابان الارامي من فدان ارام "
الأرامي: لأنه سكن في فدان أرام عند حاران.
أية 21:
" 21 وصلى اسحق إلى الرب لاجل امراته لانها كانت عاقرا فاستجاب له الرب فحبلت رفقة امراته "
كثير من القديسات كانوا عواقر مثل سارة ورفقة وراحيل وحنة أم صموئيل وزوجة منوح أم شمشون وإليصابات وأم القديس مكاريوس الكبير وأم مارمينا…الخ) وتظهر هنا قوة الصلاة.
أية 22:
" 22 وتزاحم الولدان في بطنها فقالت ان كان هكذا فلماذا انا فمضت لتسال الرب "
إن كان هكذا فلماذا أنا: كان تزاحمهما عنيفاً وفي بعض الترجمات تصارعا وهذا كان سبباً لألام شديدة لرفقة ومعني قولها "إذا كنت حبلت بصلاة إسحق وإستجابة الله فلماذا أنا متالمة هكذا أو ما الداعي لهذا الحمل إن كان سيؤدي لموتي وموت الأولاد.
فمضت لتسأل الرب: لقد كان إبراهيم موجوداً ومذبحه كان هناك وإبراهيم واسحق علماها الصلاة عند المذبح
أية 23:
" 23 فقال لها الرب في بطنك امتان ومن احشائك يفترق شعبان شعب يقوى على شعب وكبير يستعبد لصغير "
هنا إجابة الرب علي صلاة رفقة. وهذه نبوة عن أن كل منهما يصير شعباً وأمة.
وكبير يستعبد لصغير: نبوة بأن يعقوب أو إسرائيل يسود علي عيسو.
والصراع بين يعقوب وعيسو منذ أن كانا في البطن والذي إستمر بعد ذلك خلالهما وخلال نسلهما يراه بعض الأباء انه صورة للصراع المستمر بين الشر والخير في داخل احشاء الكنيسة. أو صراع نسل المرأة ونسل الحية. وهذا الصراع مستمر مادام الإنسان مازال في الجسد. لذلك قال المسيح "ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً" (مت 34:10) ويلقي ناراً (لو 49:12). ولكن النار هي الحرب المقدسة مع إبليس ونتيجتها سلاماً داخلياً يفوق كل عقل وهذا أفضل من سلام مزيف مع إبليس، أو مع العالم. وعيسو يرمز لمن يحب إمتلاك الأرضيات ويسعي وراء كل ما هو للعالم أما يعقوب فيرمز لمن يسعي وراء الروحيات. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وفي هذه النبوة نري يعقوب الروحاني يسود علي عيسو الجسداني والسبب أن يعقوب يتمتع بل يسعي للحصول علي البركات الروحية، كل إشتياقاته روحية فحصل علي بكورية الروح وتمتع بالبركة وخرج من صلبه الأنبياء واخيراً المسيح بالجسد. وهذه العبارة تشير للكنيسة التي هي بحكم التاريخ، الأصغر إذ تعرفت علي الله في آخر الأزمنة لكنها صارت الأقوي روحياً وإغتصبت باكورة الروح. وكيف يخدم الكبير (اليهود) الصغير (الكنيسة)؟ هم حفظوا للكنيسة الناموس والنبوات وكل الكتب.
الأيات 25،26:
" 25 فخرج الاول احمر كله كفروة شعر فدعوا اسمه عيسو 26 وبعد ذلك خرج اخوه ويده قابضة بعقب عيسو فدعي اسمه يعقوب وكان اسحق ابن ستين سنة لما ولدتهما "
عيسو: أي كثير الشعر أو خشن. ويعقوب: يتعقب لأنه ممسكاً بعقب أخيه. وقد بقي كل عمره يتعقبه ليختلس منه البكورية والبركة. ويبدو أن يعقوب إما كان فعلاً ممسكاً بعقب أخيه أو ولد وراءه مباشرة (بينما يكون هناك فاصل زمني في ولادة التوائم حوالي ساعة) فبدا كما لو كان ماسكاً بعقبه. أحمر: بالعبرية أدموني وبعد أكله العدس تثبت الإسم عليه وثبتت عليه شهوانيته إذ باع بكوريته بأكلة عدس أحمر فسمي أدوم.
هذان الطفلان يحملان رمزاً للإنسان الجسدي (فالشعر لأنه ينبت طبيعياً من الجسد مثلما كان عيسو فهو إشارة للشهوات التي تنبعث من الجسد) فكثرة الشعر إشارة للإرتباط بالجسد وأن الجسداني يحب الجسديات ويعيش لأجلها. وأدوم كان صياداً محباً للدماء وهذا أيضاً مما يثبت فكرة إسم أدوم. ويؤكد هذه الفكرة فكر عيسو الوحشي "أقتل اخي". وهذا كله ناشئ عن مشاعر الغضب الخارجة من داخل الإنسان (مثلما ينبت الشعر من داخل) فهي مشاعر كراهية وغضب وشهوة إنتقام نابعة من الداخل. بل دموية عيسو أشارت لعدو الخير الذي كان قتالاً للناس منذ البدء يو 44:8. أما يعقوب فيرمز للإنسان الروحي الذي يتعقب الكل لأجل إقتناء الأبديات. هو مصارع ومجاهد من أجل الروحيات.
أية 27:
كان عيسو رجل البرية محباً للصيد ممسكاً بالسيف بيده لا يقدر المعانى الروحية. وإسحق أحب عيسو بسبب ما يقدمه له من صيد. أما يعقوب فكان إنساناً كاملاً بمعنى وديعاً محباً. فأحبته أمه رفقة وكان راعياً للغنم فإتسم بالهدوء. يسكن الخيام= عاش بروح الغربة رجاءه في الله مثل أبائه. وبالقطع كان عيسو يسكن الخيام مثل الجميع لكن الكتاب حين يذكر أن يعقوب كان يسكن الخيام يود أن يشير لروح الغربة عنده.
أية 28:
" 28 فاحب اسحق عيسو لان في فمه صيدا واما رفقة فكانت تحب يعقوب "
لأن في فمه صيداً: أي من صيد عيسو يأكل فم إسحق.
الأيات 29-34:
" 29 وطبخ يعقوب طبيخا فاتى عيسو من الحقل وهو قد اعيا 30 فقال عيسو ليعقوب اطعمني من هذا الاحمر لاني قد اعييت لذلك دعي اسمه ادوم 31 فقال يعقوب بعني اليوم بكوريتك 32 فقال عيسو ها انا ماض الى الموت فلماذا لي بكورية 33 فقال يعقوب احلف لي اليوم فحلف له فباع بكوريته ليعقوب 34 فاعطى يعقوب عيسو خبزا وطبيخ عدس فاكل وشرب وقام ومضى فاحتقر عيسو البكورية "
نجد هنا قصة أكلة العدس وهي أشهر أسوأ أكلة بعد أكلة آدم وحواء. يظهر عيسو هنا كإنسان جسدي إذ بإستهتار يبيع بكوريته لأخيه نظير طبق عدس. وكانت بركات البكر:-
1. ينوب عن أبيه في غيابه ويأخذ الرياسة بعد موت أبيه.
2. يقوم بخدمة الكهنوت وتقديم ذبائح عن العائلة في غياب أبيه وبعد موته.
3. يأخذ نصيباً مضاعفاً من الميراث أي ضعف إخوته تث 17:21 (وهذا البند هو سبب حزن عيسو بعد ذلك).
4. كان يعتبر مكرساً لله حتي جاءت شريعة اللاويين خر 29:22 + عد 12:3.
5. كان مفهوماً أن من البكر يأتي المسيح (هذا إن كان يستحق) وكثيرون من الأبكار فقدوا هذه البركة بسبب خطيتهم (قايين / عيسو/ رأوبين...).
وقد سمح الله أن تكتب قصة بيع البكورية لنفهم لماذا إختار الله يعقوب وترك عيسو. وراجع رو 29:8 "لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم" فالله كان يعرف محبة يعقوب فإختاره. ونري في هذه القصة أن يعقوب آمن وعرف وفهم بركات البكورية فسعي وراءها ولكن إختار الوسائل البشرية الخاطئة. كانت إشتياقاته روحية مقدسة لكن وسائله بشرية خاطئة. أما عيسو فمثل الإنسان المستهتر الذي يفرط في النعم الروحية والأمجاد الأبدية. لذلك يقول فأكل وشرب وقام ومضي = أي كل ما إهتم به أن يأكل ويشرب "نأكل ونشرب لأننا غداً نموت" فعل كل هذا بإستهتار للبكورية ومعانيها. فالخطأ ليس في طبق العدس بل في الشهوة المفرطة والإستهتار وهذا لا يمنع أن يعقوب قد أخطأ إذ إستغل جوع أخوة عيسو ليشتري البكورية. بالنسبة لنا كم من مرة تركنا مواعيد الله لأجل لذة وقتية سرعان ما تزول. فإن كنا ننعم نحن بالبكورية بإتحادنا مع الله في إبنه البكر، ليتنا لا نستهين بها من أجل أي لذة جسدية. فالإنسان الروحاني واثق في زوال الحياة الحاضرة فيسعي وراء الحياة الأبدية بإيمان 2 بط 10:3-14 أما الإنسان الجسداني فيهتم فقط بالحاضر مستهيناً بأمور الله، وأكلة عدس عنده أهم من الأبدية. فقال عيسو أنا ماض للموت = يتضح من هنا إما جهله أو إستهتاره أو عدم إيمانه. فإن كان من المعروف أن المسيح سيأتي من البكر فكيف يموت وليس له ولد.
عيسو بإستهتاره أن يأتي منه المسيح مثل الشعب اليهودي الذي احتقر المسيح وصلبه.