موضوع: التكوين 9 - تفسير سفر التكوين السبت يوليو 02, 2011 6:15 pm
جدول لقصة نوح والطوفان. وقد إستغرقت حوالي سنة كاملة
1. صدور الأمر بدخول الفلك (1:7).
2. بعد سبعة أيام بدأ الطوفان (10:7) بتاريخ 17/2/600 (من عمر نوح).
3. مدة سقوط الأمطار وإنفجار ينابيع الغمر 40 يوماً (12:7).
4. تعاظم المياه علي الأرض 150 يوماً شاملة الـ 40 يوماً مدة نزول المطر. (24:7).
5. نقصان المياه حتي ظهور رؤوس الجبال (5: بتاريخ 1/10/600.
6. إرسال الغراب بعد 40 يوماً (8،7:6).
7. إرسال الحمامة للمرة الأولي بعد 7 أيام.
8. إرسال الحمامة للمرة الثانية.
9. إرسال الحمامة للمرة الثالثة.
10. كشف الغطاء بتاريخ 1/1/601.
11. جفاف الأرض وخروج نوح بتاريخ 27/2/601.
وبعد أن خرج نوح وقدم ذبيحة وتنسم الله رائحة الرضا بارك نوح وبنيه وقدم لهم ناموساً ليخضعوا له وعهداً يربطهم به وعلامة تسندهم في أيام غربتهم.
أية 1:
" 1 وبارك الله نوحا وبنيه وقال لهم اثمروا واكثروا واملاوا الارض "
وبارك الله نوحاً وبنيه: بإعتبارهم رؤوساً جديدة للخليقة. فنوح صار رأس جديد للخليقة مثالا للمسيح رأس الخليقة الجديدة. وأولاد نوح تفرعت منهم كل شعوب العالم. وكلمات البركة تشبه هذه التي قيلت لآدم وحواء.
الأيات 2-7:
" 2 ولتكن خشيتكم ورهبتكم على كل حيوانات الارض وكل طيور السماء مع كل ما يدب على الارض وكل اسماك البحر قد دفعت إلى ايديكم 3 كل دابة حية تكون لكم طعاما كالعشب الاخضر دفعت اليكم الجميع 4 غير ان لحما بحياته دمه لا تاكلوه 5 واطلب انا دمكم لانفسكم فقط من يد كل حيوان اطلبه ومن يد الانسان اطلب نفس الانسان من يد الانسان اخيه 6 سافك دم الانسان بالانسان يسفك دمه لان الله على صورته عمل الانسان 7 فاثمروا انتم واكثروا وتوالدوا في الارض وتكاثروا فيها "
ناموس نوح
هذا الناموس يناظر الوصية التي أعطاها الله لآدم وحواء.
1. ولتكن خشيتكم ورهبتكم على كل حيوانات…. فالله يعطي سلطاناً للإنسان علي المخلوقات، بل يعطيها ان تخافه وهذا رأيناه مع عديد من القديسين (دانيال… الأنبا برسوم العريان).
2. كل دابة حية تكون لكم طعاماً= كان طعام الإنسان قبلا من العشب الأخضر. والآن يسمح له الله بأكل لحوم الحيوانات والطيور والأسماك. لماذا؟
سقوط الإنسان حول طبعه لطبع وحشي فوجدنا قايين يقتل أخوه هابيل ووحشية الإنسان إنعكست علي الحيوان فصارت بعض الحيوانات متوحشة وصارت بعض الطيور متوحشة وهكذا الأسماك. وحرصا من الله أن لا يتحول الإنسان لوحش يأكل أخيه سمح الله بأكل لحوم الحيوانات. إلا أننا أيضا وجدنا بعض القبائل تأكل لحم الإنسان.
قد تكون الأرض ضعفت نتيجة اللعنة وأصبحت تعطي نباتات أضعف.
قد تكون العلة في ضعف جسد الإنسان الذي أصبح يحتاج لطعام أقوي.
ليهيئ الطريق لقبول الشريعة الموسوية التي بها يلتزم الكاهن أن يأكل من بعض الذبائح.[1] وهذا رمز للتمتع بتناول جسد ربنا يسوع ودمه " لأن جسدي ماكل حق… يو 55،54:6" "فالذبيحة تعلن مصالحة الله مع الإنسان وهي عطية للإنسان بها تشبع نفسه ويرتوي قلبه علي مستوي روحي فائق للطبيعة. (أما الوثنيين فيظنون أن الذبيحة هي لتهدئة غضب الهتهم.) أكل الكاهن لجزء من لحم ذبيحة الخطية إشارة للمسيح الذي حمل خطايانا في جسده.فالخاطىء يأتى بذبيحة الخطية ويمسك بقرونها معترفاً بخطاياه وكأنه نقل خطاياه إليها ثم تذبح وتقدم للمذبح (الصليب) وجزء منها يأكله الكاهن. والكاهن هنا هو رمز للمسيح الذي حمل خطايانا بصليبه.
3. لحماً بحياته دمه لا تأكلوه: الله سمح بأكل اللحوم ولكنه يحذر من أكلها بدمائها. فالدم يساوي الحياة والحياة هي لله، أما اللحم فيعطي للإنسان. وإحتفظ الله بسر الدم الذي لا يشربه الإنسان حتي كشف السر المخفي في دم المسيح الذي أعطي كفارة لنا ونشربه لنحيا به. أما شرب دم الحيوانات فيعطي للإنسان وحشية يرفضها الله. الله لا يريد أن تدخل فينا حياة غريبة بل أن تكون لنا حياة المسيح.
4. وأطلب أنا دمكم لأنفسكم فقط: الله هو الذي ينتقم من قاتل الإنسان. لذلك منع القتل وكذلك الإنتحار فالله وحده هو الذي يحدد حياة الإنسان. وقد يتم هذا بالشريعة كما يأتي.
5. من يد كل حيوان أطلبه: إذا قتل حيوانا إنساناً يقتل الحيوان (خر 28:21 وما بعده).
6. سافك دم الانسان بالانسان يسفك دمه: هذا أول قانون مدني. والله يَسُنه فمن قتل يقتل. وهذا القتل للقاتل بسماح من الله.
7. فأثمروا أنتم.. رغبة الله حياة وتعمير للأرض وبركة للإنسان.
الأيات 8-17:
" 8 وكلم الله نوحا وبنيه معه قائلا 9 وها انا مقيم ميثاقي معكم ومع نسلكم من بعدكم 10 ومع كل ذوات الانفس الحية التي معكم الطيور والبهائم وكل وحوش الارض التي معكم من جميع الخارجين من الفلك حتى كل حيوان الارض 11 اقيم ميثاقي معكم فلا ينقرض كل ذي جسد ايضا بمياه الطوفان ولا يكون ايضا طوفان ليخرب الارض 12 وقال الله هذه علامة الميثاق الذي انا واضعه بيني وبينكم وبين كل ذوات الانفس الحية التي معكم إلى اجيال الدهر 13 وضعت قوسي في السحاب فتكون علامة ميثاق بيني وبين الارض 14 فيكون متى انشر سحابا على الارض وتظهر القوس في السحاب 15 اني اذكر ميثاقي الذي بيني وبينكم وبين كل نفس حية في كل جسد فلا تكون ايضا المياه طوفانا لتهلك كل ذي جسد 16 فمتى كانت القوس في السحاب ابصرها لاذكر ميثاقا ابديا بين الله وبين كل نفس حية في كل جسد على الارض 17 وقال الله لنوح هذه علامة الميثاق الذي انا اقمته بيني وبين كل ذي جسد على الارض "
تجديد العهد والميثاق
قوس قزح هو ظاهرة طبيعية تحدث من إنكسار أشعة الشمس علي قطرات المطر بعد المطر. وهو غالباً كان يظهر قبل الطوفان ولكن الله إستخدمه كعلامة حب ولنلاحظ.
كما أن قوس قزح لابد وأن يظهر بعد كل مطر طالما الشمس والمطر موجودان هكذا فإن وعد الله بعدم حدوث طوفان عام مرة اخري لن يكسر.
ظهر قوس قزح حول العرش الإلهي (رؤ3:4+1:10) وهذه علامة أن الله يريد لنا الحياة ويريد أن يعلن من السماء أنه عند وعده ولم ينسى أنه يعد لنا حياة أبدية.ولاحظ أول آية في الكتاب المقدس "في البدء خلق… إعطاء حياة" ونهاية الكتاب في سفر الرؤيا "أمين تعال أيها الرب يسوع … هي رجاء في هذه الحياة الموعودة.
الله لا يكرر الطوفان. والطوفان رمز المعمودية لذلك المعمودية لا تتكرر.
هذا القوس (قوس قزح) يذكرنا بالأتي:
الخطية عقوبتها الموت. (إعلانا عن عدل الله وقداسته).
غني مراحم الله الذي يطيل أناته علينا. ويريد لنا الحياة.
المثال الصالح لنوح الذي كان بركة للعالم.
إذن من يتشبه بنوح يستفيد من مراحم الله وينجو من غضبه وعدله الذي يستوجب الموت للخاطئ.
القوس هو ختم العهد (الميثاق بين الله ونوح).
الشمس تسقط نورها علي قطرات المطر فتظهر هذه الألوان المتعددة. والمسيح شمس البر يرسل نوره علي قطرات الماء[2] (الروح القدس الذي يعلن مجد المسيح يو 14،13:16) والألوان متعددة لتعلن عن إحسانات الله وعطاياه المتعددة. ويفهم ايضا ان الروح القدس يعطي ويوزع مواهبه علي الكنيسة لتتكامل فيظهر المسيح شمس البر في هذه الكنيسة (اللون الابيض للنور ) اما الوان القوس فتعلن عن تعدد المواهب داخل الكنيسة ، لتتكامل الكنيسة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وهذا ما كان يعنيه بولس الرسول بقوله قامة ملء المسيح (اف 4). وتعلن مجد المسيح ووساطته فهو علامة حب قدمها الله حين أقام ميثاقاً مع نوح بعد الطوفان، ويبقي الله كمحب للبشرية يقدم لنا كل حب خلال ميثاقه معنا. والله في حبه يعتز بالميثاق فيقول "ميثاقي… قوسي"
القوس علامة ميثاق بين السماء والأرض ولاحظ أنه يمتد من السماء حتي الأرض.
الأيات 18-24:
" 18 وكان بنو نوح الذين خرجوا من الفلك ساما وحاما ويافث وحام هو ابو كنعان 19 هؤلاء الثلاثة هم بنو نوح ومن هؤلاء تشعبت كل الارض 20 وابتدا نوح يكون فلاحا وغرس كرما 21 وشرب من الخمر فسكر وتعرى داخل خبائه 22 فابصر حام ابو كنعان عورة ابيه واخبر اخويه خارجا 23 فاخذ سام ويافث الرداء ووضعاه على اكتافهما ومشيا الى الوراء وسترا عورة ابيهما ووجهاهما إلى الوراء فلم يبصرا عورة ابيهما 24 فلما استيقظ نوح من خمره علم ما فعل به ابنه الصغير "
نوح وعريه
أية 18: وحام هو أبو كنعان: يذكر هنا كنعان فهو سبب أساسي للأحداث التالية. وليعرف موسي والشعب لماذا يعاقب الله الكنعانيين ولماذا يأخذ اليهود أرضهم، هذا بسبب خطية كنعان ولعنة "ابيه نوح له". فيحذر الشعب أن لا يتشبهوا بخطايا الكنعانيين لئلا يشابهوهم في المصير. ولسبب آخر هو أن حام نفسه كان أبا لكنعان ، وكأب كان مؤكداً انه يعرف كيف يجب ان يحترمه إبنه كنعان وعليه هو أن يحترم أباه نوحاً وهذا ما لم يحدث.
أية 20: وإبتدأ نوح يكون فلاحاً: قوله إبتدأ لأنه كان له مدة 120 سنة يعمل نجاراً. ويفسر كثيرين الفرق بين نوح كفلاح وقايين كعامل في الأرض بقولهم أن العامل في الأرض يشير لمن يضع كل طاقاته في الزمنيات. والفلاح يشير للمسيح الذي جاء يغرس كرمه من جديد. والأرض في هذه الحالة تشير للكنيسة أو الجسد الذي يرتوي بمياه الروح القدس.
أية 21: غالبا سكر نوح بعد ان شرب من الخمر دون أن يعرف أن هذا الخمر يكون نتيجته العري والإستهزاء ولفقدان الإنسان لكرامته. عموما نحن نصلي لله قائلين إغفر لنا خطايانا التي صنعناها بمعرفة وبغير معرفة. ومرة أخري نري تفسيراً لأن نوح كان كاملاً في إجياله أي كمال نسبي. فها هو له سقطات أيضا. وها نحن نجد الخمر وقد عرت هذا القديس الذي لم تطوله مياه الطوفان وظل مستتراً أكثر من 600 عام. فالخطية هي بالحقيقة الخمر المسكر الذي يعري النفس ويفضحها، أما السيد المسيح فهو اللباس البهي الذي يستر النفس من فضيحتها الأبدية. ولاحظ أن سبب خطية نوح مثل آدم.. البطن التي تتخم وعندئذ تثور الأعضاء. ورأي القديس جيروم أن في هذه القصة رمز لعمل المسيح فهو شرب كأس الألم علي الصليب ومن أجلنا تعري علي الصليب فسخر به الأشرار(حام وكنعان) بينما آمن به الأمم (سام ويافث) ولنذكر قول المسيح "إن أمكن ان تعبر عني هذه الكأس مت 39:26. وجاء حام وضحك كما ضحك اليهود وإستهزأوا بالمسيح. والأمم غطوا ألامه بإيمانهم.
أية 22: من يكشف عورة الأخرين أي يذيع خطاياهم ويفضحهم يلعن.
أية 23: من يستر عورة الأخرين يستره الله (مثال أبومقار) هما صنعا هذا بالناموس الطبيعي.
أية 24: إبنه الصغير= كلمة إبن في العبرانية تستخدم أيضاً للحفيد. وقوله إبنه الصغير فهذا غالباً يشير لكنعان. ويصبح التفسير أن حاما رأي أباه نوح في هذا الوضع وسخر منه وإشترك معه كنعان أو أن كنعان دخل مع حام أبيه وإشتركا كلاهما في السخرية.
الأيات 25-27:
" 25 فقال ملعون كنعان عبد العبيد يكون لاخوته 26 وقال مبارك الرب اله سام وليكن كنعان عبدا لهم 27 ليفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام وليكن كنعان عبدا لهم "
نبوة نوح
كنعان: عبد العبيد= ملعون. وعبد العبيد تعني أحقر العبيد. وإستعباد أخويه له تم أولاً بإستعباد اليهود نسل سام للكنعانيين ثم إستعباد اليونان والرومان نسل يافث لهم. ونوح لم يلعن حام لأن الله سبق وباركه فلا يلعن من باركه الله (عد 20،19،18:23)، لكن كانت لعنة كنعان سبب غصة وألم لأبيه حام. ونبوة نوح تحققت في أن شعب الكنعانيين كان في حالة من النجاسة والإنحراف للرجاسات الوثنية وهذه لم يكن مثلها رجاسات. وقيل عنهم لم يكن مثلهم في مزجهم سفك الدماء (ضحايا بشرية) بالفجور إكراماً لألهتهم. وقيل أماتت ديانة الكنعانيين أحسن العواطف البشرية (تقديم أبنائهم ذبائح) وإشتهروا بخرافاتهم وفسقهم ولم يَسُد بينهم شيء من الفضائل. فهم نزلوا إلي أدني صور العبيد. وصاروا ملعونين بوثنيتهم.
سام: مبارك الرب إله سام: هو بارك الرب من أجل سام ونسل سام فمنه خرج المسيح ومنه خرج إبراهيم وإسحق ويعقوب وداود أباء المسيح بالجسد. إذن نبوة نوح تحققت بولادة المسيح. وإسم سام = سامٍ أو عالٍ فأي اسم أسمي من المسيح الذي فاح عبيره في كل مكان. وتعني النبوة أيضا ليكن نسل سام مباركاً فيبارك الرب إلهه ومن نسل سام جاء شعب الله. الذي كان سيؤتمن علي عبادة الله ومعرفته وشريعته وناموسه وهيكله. ولذلك لاحظ أن نوح إستخدم لقب الرب أي يهوه حين تكلم عن سام.
يافث:- يعني توسع أو ملء. ونبوة نوح عنه أن الله يفتح له فتتسع مساكنه وهذا حدث مع يافث الذي ملا أوروبا ومعظم آسيا ثم الأمريكتين واستراليا.
فيسكن في مساكن سام: لقد إتسعت مساكن سام أي كنيسة المسيح لتقبل الأمم إليها أي يافث وفي الكنيسة إتحد نسل يافث وسام. وقد تعني النبوة إحتلال الأوروبين لبلاد سام لفترة ما.
[1] بعد الخطية نزل الإنسان لمستوي الحيوان وأكل العشب 18:3. وبركة نوح أشارت إلي إعطاء حياة بدلاً من الموت.