الأيات 1-4:
“1 ثم قال الله ليعقوب قم اصعد إلى بيت ايل واقم هناك واصنع هناك مذبحا لله الذي ظهر لك حين هربت من وجه عيسو اخيك 2 فقال يعقوب لبيته ولكل من كان معه اعزلوا الالهة الغريبة التي بينكم وتطهروا وابدلوا ثيابكم 3 ولنقم ونصعد إلى بيت ايل فاصنع هناك مذبحا لله الذي استجاب لي في يوم ضيقتي وكان معي في الطريق الذي ذهبت فيه 4 فاعطوا يعقوب كل الالهة الغريبة التي في ايديهم والاقراط التي في اذانهم فطمرها يعقوب تحت البطمة التي عند شكيم “
الله هنا يجدد الدعوة ليعقوب حتي يصعد إلي بيت إيل ليقيم هناك ويصنع مذبحاً لله. وإذ شعر بأن هناك ستتم مقابلة الله إهتم بدفن وعزل كل الألهة الغريبة (الترافيم) هذه التي سرقتها راحيل وما كان مع عبيده قبل أن يدخلوا في العهد الألهي. وكل ما نهبه أولاده من شكيم.
[ ولنلاحظ أن عبيد يعقوب كانوا من أرام حيث تنتشر الوثنية ولنلاحظ أن أولاد يعقوب قد سبوا نساء وأطفال عائلة شكيم وكلهم وثنيون]. فلا يمكن أن نقابل الله إلا علي أساس القداسة وعزل كل ما هو غريب عن الله ودفنه. ودفن هذه الأشياء يشير لدفن كل عمل شيطاني وكل فكر شرير تحت خشبة الصليب كتطبيق لقول بولس الرسول "صلب العالم لي وأنا صلبت للعالم" وأبدلوا ثيابكم = إشارة إلي تطهير الجسد ونقاوته والأقراط: هذه لم تكن تستخدم في الزينة فقط بل لأغراض دينية خرافية كجلب الخير وإبعاد الحسد ولهذا السبب فالعجل الذهبي الذي صنعه هارون للشعب كان من أقراطهم.
أية 5:
“5 ثم رحلوا وكان خوف الله على المدن التي حولهم فلم يسعوا وراء بني يعقوب “
كان خوف الله= أوقع الله رعباً علي من حول يعقوب حتي لا يمسوه فلم يجسر أحد أن يذهب وراءه أو يقتفي أثره. هم شعروا بأن رهبة الله ظاهرة في حياة هذا الإنسان.
أية 8:
“ 8 وماتت دبورة مرضعة رفقة ودفنت تحت بيت ايل تحت البلوطة فدعا اسمها الون باكوت “
عجيب أن يهتم الكتاب بموت دبورة مرضعة رفقة ولا يذكر الكتاب موت رفقة نفسها وكل ما يذكره الكتاب أن رفقة مدفونة في مغارة المكفيلة (تك 31:49) والسبب ببساطة أن رفقة ترمز للكنيسة التي لا تموت روحياً ولكنها تموت جسدياً علي رجاء القيامة. وكل أجساد القديسين مدفونة علي رجاء القيامة.
وكان للمرضعات منزلة كبيرة وإحترام يقترب من منزلة الأم. وقد أحضرها يعقوب من بيت أبيه إسحق في حبرون، وربما أن يعقوب كان يزور والده اسحق. وفي إحدي الزيارات إستأذنه أن تقيم معه دبورة ليأخذ بركتها وغالباً كانت أمه رفقة قد ماتت خلال هذه الفترة. ويقدر المفسرين عمر دبورة في هذا الوقت بحوالي 180 سنة.
تحت بيت إيل= أي في مكان منخفض في بيت إيل أو بجوارها. الون باكوت: بلوطة البكاء وبيت إيل تعني بيت الله. هناك أقام داود الذي يمثل الكنيسة المجاهدة وهناك دفنت دبورة التي تمثل الراقدين. والكنيسة الأن تصلي في كل صلاة عشية أوشية الراقدين فالكل أحياء وراقدين هم كنيسة واحدة وبيتاً واحداً للرب.
الأيات 9-15:
“9 وظهر الله ليعقوب ايضا حين جاء من فدان ارام وباركه 10 وقال له الله اسمك يعقوب لا يدعى اسمك فيما بعد يعقوب بل يكون اسمك اسرائيل فدعا اسمه اسرائيل 11 وقال له الله انا الله القدير اثمر واكثر امة وجماعة امم تكون منك وملوك سيخرجون من صلبك 12 والارض التي اعطيت ابراهيم واسحق لك اعطيها ولنسلك من بعدك اعطي الارض 13 ثم صعد الله عنه في المكان الذي فيه تكلم معه 14 فنصب يعقوب عمودا في المكان الذي فيه تكلم معه عمودا من حجر وسكب عليه سكيبا وصب عليه زيتا 15 ودعا يعقوب اسم المكان الذي فيه تكلم الله معه بيت ايل “
إذ طمر يعقوب الآلهة الغريبة وصعد لبيت أيل كما أراد الله له أولاً، وهذه تناظر التوبة،(فبالتوبة نعود ونري الله ونسمع صوته) إستحق أن الله يظهر له ويجدد له الوعد بالبركة. وقدم يعقوب عموداً حجرياً وسكيباً من الخمر والزيت. وسكب الزيت هو للتدشين أو التكريس أي أن هذا المكان صار مخصصاً لله وسكب الخمر هو إعتراف الشخص لله علي إحساناته وعلامة تضحية. والله يتنازل الذي لا تسعه السماء والأرض ويقبل أن يسكن في مكان يعطيه له الإنسان كعلامة علي حلوله وسط شعبه. وهناك للعمود الحجري رمز أخر فهو إشارة للمسيح حجر الزاوية الذي أعلن سكيب الخمر أي تقدمة الفرح وزيت المسحة الذي هو حلول الروح القدس علي الكنيسة
الأيات 16-20:
" 16 ثم رحلوا من بيت ايل ولما كان مسافة من الارض بعد حتى ياتوا إلى افراتة ولدت راحيل وتعسرت ولادتها 17 وحدث حين تعسرت ولادتها ان القابلة قالت لها لا تخافي لان هذا ايضا ابن لك 18 وكان عند خروج نفسها لانها ماتت انها دعت اسمه بن اوني واما ابوه فدعاه بنيامين 19 فماتت راحيل ودفنت في طريق افراتة التي هي بيت لحم 20 فنصب يعقوب عمودا على قبرها وهو عمود قبر راحيل إلى اليوم "
أفراته= هي بيت لحم أي بيت الخبز حيث ولد المسيح. هنا نجد قصة موت راحيل المحبوبة. وعجيب أيضاً ان يذكر مناحة دبورة ولا يذكر أي مناحة أو بكاء علي راحيل المحبوبة. فموت راحيل التي تشير لكنيسة المسيح يشير لإنتقال الكنيسة من هذا العالم إلي العالم الأخر وهذا فرح. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ولنلاحظ أن راحيل كانت قد قالت "إعطني نسلاً وإلا أموت" وها هي قد ماتت بسبب النسل وبسبب ولادتها. وكثيراً ما يحجز الله عنا ما نظنه خيراً ويراه الله غير ذلك. وموت راحيل بعد ولادة بنيامين يشير لأن الكنيسة تظل تتمخض بأولادها متوجعة حتي متي كمل المختارون ترحل الكنيسة كلها لتستريح أبدياً. وما يؤلم الكنيسة هنا حتي تدعوه إبن أوني، يفرح به الرب فيدعوه بنيامين، إنها تتألم إلي حين وتحزن ولكن حزننا يتحول إلي فرح حين ننطلق جميعاً مع الرب علي السحاب ونكون عن يمينه. وراحيل كانت تريد تسمية أبنها ابن أوني أي إبن حزني بسبب شدة ما قاسته من الألام والأحزان، أما أبوه فأسماه بنيامين أي أبن اليمين وهي تسمية كلها رجاء في الله بالرغم من أحزانه، عربون القوة للشعب القديم (الألام ستكون سبباً في وجودنا عن يمين الله يو 20:16-22).
الأيات 21، 22:
" 21 ثم رحل اسرائيل ونصب خيمته وراء مجدل عدر 22 وحدث اذ كان اسرائيل ساكنا في تلك الارض ان راوبين ذهب واضطجع مع بلهة سرية ابيه وسمع اسرائيل وكان بنو يعقوب اثني عشر "
مجدل عدر: أي برج عدر أو برج القطيع وهو موضع يقع في سهل الرعاة شرقي بيت لحم. وهنا حدثت خطية رأوبين البشعة التي فقد بسببها البكورية والذي ظل يعقوب يذكرها له بمرارة حتي فراش الموت (تك 14:49). وقوله وسمع إسرائيل يعني أنه لم يتكلم لكنه كتم في قلبه مرارة لا يمحوها الزمن ولا الكلام. ورأوبين ظن أنه فعل في الخفاء لكن ليس مكتوماً إلا ويعلن.
ملحوظة أخيرة علي حياة يعقوب
لماذا إختار الله يعقوب وترك عيسو، بالرغم من كل ضعفات يعقوب وسقطات أبنائه، الله إحتمل ضعف يعقوب وكان يكمله ويؤدبه ويعقوب خاضع بين يديه ومستسلم للتأديب أما عيسو الوحشي في طبعه فهذا لا يخضع لعمل الله في حياته فهناك خطيتين لا يحتملهما الله:
1. الكبرياء.
2. الوحشية والقسوة وحب الإنتقام "أقوم وأقتل أخي".
هذه الخطايا تمنع عمل الله في الإنسان فلا يتكمل ولا يتأدب بتأديب الله ويكون مصيره الرفض.