لم يخجل يوسف من أبيه وأخوته، بل إنطلق بمركبته ليلتقي بهم وأسرع لفرعون يخبره بمجيئهم.
أية 2:
" 2 واخذ من جملة اخوته خمسة رجال واوقفهم امام فرعون "
أخذ… خمسة رجال= كممثلين عن إخوته. وربما رقم "5" يمثل شيئاً عند المصريين.
أية 4:
" 4 وقالوا لفرعون جئنا لنتغرب في الارض اذ ليس لغنم عبيدك مرعى لان الجوع شديد في ارض كنعان فالان ليسكن عبيدك في ارض جاسان "
جئنا لنتغرب= فشعور الغربة لا يفارقهم لإيمانهم بوعد الله أن كنعان هي أرضهم.
أية 7:
" 7 ثم ادخل يوسف يعقوب اباه واوقفه امام فرعون وبارك يعقوب فرعون "
وبارك يعقوب فرعون = لقد شعر فرعون بمهابة هذا الرجل فطلب بركته مرتين (راجع أية 10) هنا نري تطبيق لما قاله بولس الرسول كمجهولين ونحن معروفون… كفقراء ونحن نغني كثيرين 2 كو 10،9:6.
الأيات 8، 9:
" 8 فقال فرعون ليعقوب كم هي ايام سني حياتك 9 فقال يعقوب لفرعون ايام سني غربتي مئة وثلاثون سنة قليلة وردية كانت ايام سني حياتي ولم تبلغ إلى ايام سني حياة ابائي في ايام غربتهم "
كم هي أيام سني حياتك…. أيام سني غربتي= لاحظ شعور يعقوب بالغربة ولاحظ تقدير العمر بالأيام فهو قليل مهما كان كثيراً. "بخار يظهر قليلاً ثم يضمحل" وأيام يعقوب بحسب تقديره كانت ردية = كانت بلا راحة بل سلسلة من المتاعب فهو تألم من عيسو العنيف وهرب إلي خاله لابان وخدمه خدمة شاقة مضنية (40:21) وقد خدعه خاله 10 مرات وعاش في رعب من إنتقام عيسو. ثم عاني من خلع فخذه ثم كدره إبناه شمعون ولاوي وأبنته دينة. وماتت راحيل زوجته المحبوبة وخانه رأوبين مع زوجته وخدع في قصة يوسف ثم أرادوا أخذ بنيامين إلي مصر وحجز شمعون عند يوسف. لقد تألم يعقوب كثيراً ولكنه بارك فرعون مرتين وكأن الألام لم تزده إلا بركة.
الأيات 11،12:
" 11 فاسكن يوسف اباه واخوته واعطاهم ملكا في ارض مصر في افضل الارض في ارض رعمسيس كما امر فرعون 12 وعال يوسف اباه واخوته وكل بيت ابيه بطعام على حسب الاولاد "
أرض رعمسيس = هي جزء من أرض جاسان (غالبا صان الحجر حالياً) وبني فيها العبرانيون لفرعون مدينة رعمسيس (خر 11:1). وأعطاهم ملكا في أرض مصر: إشارة للمسيح الذي أعطي كنيسته أن تملك روحياً، أي يستطيع الأنسان أن يضبط شهواته. وسكن الشعب في مصر إشارة أيضا لإنتشار الإيمان وسط الأمم خصوصاً أنه كان بموافقة الملك.
الأيات 13-26:
St-Takla.org Image: Joseph, Overseer of Pharaoh's Granaries, by Lawrence Alma Tadema, 1874
صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس يوسف الصديق، لوحة للفنان الرسام لورانس ألما تاديما بعنوان: يوسف، القيِّم على مخازن فرعون، 1874
" 13 ولم يكن خبز في كل الارض لان الجوع كان شديدا جدا فخورت ارض مصر وارض كنعان من اجل الجوع 14 فجمع يوسف كل الفضة الموجودة في ارض مصر وفي ارض كنعان بالقمح الذي اشتروا وجاء يوسف بالفضة إلى بيت فرعون 15 فلما فرغت الفضة من ارض مصر ومن ارض كنعان اتى جميع المصريين إلى يوسف قائلين اعطنا خبزا فلماذا نموت قدامك لان ليس فضة ايضا 16 فقال يوسف هاتوا مواشيكم فاعطيكم بمواشيكم ان لم يكن فضة ايضا 17 فجاءوا بمواشيهم إلى يوسف فاعطاهم يوسف خبزا بالخيل وبمواشي الغنم والبقر وبالحمير فقاتهم بالخبز تلك السنة بدل جميع مواشيهم 18 ولما تمت تلك السنة اتوا اليه في السنة الثانية وقالوا له لا نخفي عن سيدي انه اذ قد فرغت الفضة ومواشي البهائم عند سيدي لم يبق قدام سيدي الا اجسادنا وارضنا 19 لماذا نموت امام عينيك نحن وارضنا جميعا اشترنا وارضنا بالخبز فنصير نحن وارضنا عبيدا لفرعون واعط بذارا لنحيا ولا نموت ولا تصير ارضنا قفرا 20 فاشترى يوسف كل ارض مصر لفرعون اذ باع المصريون كل واحد حقله لان الجوع اشتد عليهم فصارت الارض لفرعون 21 واما الشعب فنقلهم إلى المدن من اقصى حد مصر إلى اقصاه 22 الا ان ارض الكهنة لم يشترها اذ كانت للكهنة فريضة من قبل فرعون فاكلوا فريضتهم التي اعطاهم فرعون لذلك لم يبيعوا ارضهم 23 فقال يوسف للشعب اني قد اشتريتكم اليوم وارضكم لفرعون هوذا لكم بذار فتزرعون الارض 24 ويكون عند الغلة انكم تعطون خمسا لفرعون والاربعة الاجزاء تكون لكم بذارا للحقل وطعاما لكم ولمن في بيوتكم وطعاما لاولادكم 25 فقالوا احييتنا ليتنا نجد نعمة في عيني سيدي فنكون عبيدا لفرعون 26 فجعلها يوسف فرضا على ارض مصر الى هذا اليوم لفرعون الخمس الا ان ارض الكهنة وحدهم لم تصر لفرعون "
هذه الأحداث غالباً حدثت في السنتين الأخيرتين للمجاعة حيث إشتد الجوع فنقلهم يوسف إلي المدن (21) حيث مخازن الحبوب. وهنا نجد أن المصريين قدموا لفرعون أولا فضتهم ثم مواشيهم فأجسادهم وأرضهم. أي إستعبدوا له بالكامل وهناك عدة تأملات فيما حدث في هذه الأيات
1. هنا يوسف يشير للسيد المسيح الذي أنقذنا من الجوع وإشترانا ومالنا لله الآب "لأنك ذبحت وإشتريتنا لله رؤ 9:5". ولاحظ أن المصريين كانوا يعطون أنفسهم بفرح ليوسف ولفرعون ليحيوا فهو أنقذ حياتهم، وهكذا ينبغي أن نصنع فنسلم أنفسنا لله بفرح.
2. الـ 5/1 لفرعون. ورقم 5 هو رقم النعمة 5= 4+1 (الخليقة + الله) فالله من نعمته أعطي الأرض للإنسان. فالكل له وهو يعطي بسخاء من نعمته ولا يطلب سوي العشور.
3. أرض الكهنة لم يشترها. إذ كانت للكهنة فريضة من قبل فرعون: والله يقول لكهنته أنا نصيبك لا 20:18.
4. من ناحية أخري نري أن المصريين إستعبدوا أنفسهم بأنفسهم لفرعون. فإذا نظرنا لفرعون علي أنه رمز للشيطان فنجد هنا مثالاً لمن يستعبد نفسه للشيطان وهذا يبيع بالتدريج:
أ. الفضة= فقدان كلام الله والإنفصال عنه فالفضة تشير لكلام الله.
ب. المواشي= بيع الحواس للشيطان.
ج. الأجساد= هذا يمثل الإستعباد الكامل له.
ولو لاحظنا أن فرعون قد إستعبد شعب إسرائيل بعد ذلك، لكن كان هذا دون رغبتهم. لذلك من سقط دون رغبته يرسل الله له مخلصاً يحرره هو موسي.
أية 29:
" 29 ولما قربت ايام اسرائيل ان يموت دعا ابنه يوسف وقال له ان كنت قد وجدت نعمة في عينيك فضع يدك تحت فخذي واصنع معي معروفا وامانة لا تدفني في مصر "
لا تدفني في مصر… بل أضطجع مع أبائي = لقد عاش يعقوب في مصر لكن قلبه كان في كنعان مع الله الذي وعده بكنعان. وهذا يعني إهتمامه بقيامة جسده وثقته في مواعيد الله. وعلينا وإن عشنا في غربة العالم أن تكون إشتياقاتنا هناك في السماء حيث أبونا السماوي.
أية 31:
" 31 فقال احلف لي فحلف له فسجد اسرائيل على راس السرير "
علي رأس السرير = السرير أو الفراش بالعبرية Mittah والعصا Mattah وفي العبرية تكتب من ثلاث حروف م ت هـ أو M T H مع تغيير النقط فوق الحروف. ووضع النقط فوق الحروف شيء جديد لم يكن مستعملاً من قديم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). لذلك فكلمة سريره تقرأ عصاه. وهكذا فعلت السبعينية وقرأت الآية علي رأس عصاه. وعصا يوسف تمثل صولجانه وسيادته[1] ورئاسته. ولو فهمنا أن يعقوب رمز للكنيسة ويوسف يرمز للمسيح وعصا يوسف للصليب فهذا الموقف يشير لسجود الكنيسة للصليب الذي به الخلاص. هذا السجود هو إعتراف بمراحم الله. وما فعله يعقوب بسجوده هو إعتراف يعقوب بإحسانات الله له ولإبنه يوسف. ويعقوب يشكر يوسف لأنه سيعيد جسده لكنعان. ونحن نسجد للمسيح الذي بصليبه أعادنا أو سيعيدنا إلي كنعان السماوية. (عب 21:11).